RULEBOOK: REJECTED
كل رياضة نتابعها اليوم هي نتاج عقود، بل وقرون، من التطور والتجريب. وقبل أن تصل إلى شكلها الحالي السريع والممتع، مرت بمراحل من القوانين الغريبة، غير العملية، والمجنونة تماماً. دعنا نفتح أرشيف الرياضة لنرى بعض أسوأ القوانين التي تم إلغاؤها... ولسبب وجيه جداً.
كرة قفز بعد كل هدف
الرياضة: كرة السلةالقانون القديم:
في الأيام الأولى لكرة السلة، بعد تسجيل كل سلة، كان الحكم يوقف اللعب ويقوم بعمل "كرة قفز" (Jump Ball) في منتصف الملعب بين لاعبين من الفريقين، تماماً مثل بداية المباراة.
لماذا كان كارثياً؟
هذا القانون قضى تماماً على أي إيقاع أو تدفق في اللعبة. تخيل أن كل متعة في مشاهدة هجمة سريعة مرتدة تختفي، وبدلاً منها، يتجمع اللاعبون في المنتصف كل 30 ثانية. لقد جعل اللعبة بطيئة بشكل لا يطاق، وجعل من المستحيل تقريباً على الفريق المتأخر أن يعود في النتيجة، لأن الفريق المتقدم كان يستعيد الكرة بسهولة بعد كل هدف يسجله.
الأثر بعد الإلغاء:
إلغاء هذا القانون هو ما خلق كرة السلة الحديثة. سمح بظهور الهجمات المرتدة السريعة (Fast Breaks)، وزاد من سرعة اللعبة بشكل هائل، وأعطى المباريات إثارة وتشويقاً حتى الثانية الأخيرة.
حارس المرمى يلتقط تمريرة زميله
الرياضة: كرة القدمالقانون القديم:
كان يُسمح لحارس المرمى بالتقاط الكرة بيديه بعد أن يعيدها له زميله في الفريق بقدمه بشكل متعمد (Back-pass).
لماذا كان كارثياً؟
أصبح هذا القانون سلاحاً فتاكاً لإضاعة الوقت. عندما يكون الفريق متقدماً في النتيجة، كان المدافعون يعيدون الكرة إلى حارسهم الذي يلتقطها، ينتظر حتى يقترب المهاجم، ثم يرميها ويعيدها له المدافع مرة أخرى. كأس العالم 1990 كان مثالاً صارخاً على هذا الملل الدفاعي، مما دفع الفيفا إلى التحرك فوراً.
الأثر بعد الإلغاء:
غيّر هذا القانون دور حارس المرمى إلى الأبد. أجبر الحراس على تعلم اللعب بأقدامهم، وساهم في زيادة سرعة اللعب والضغط العالي. لم يعد الحارس مجرد "صائد للكرات"، بل أصبح أول لاعب في بناء الهجمة.
نظام "الفريق الواحد"
الرياضة: كرة القدم الأمريكيةالقانون القديم:
حتى منتصف القرن العشرين، لم يكن هناك فرق متخصصة للهجوم والدفاع. كان على نفس اللاعبين الأحد عشر البقاء في الملعب ولعب الأدوار الهجومية والدفاعية معاً، مع قيود صارمة على التبديلات.
لماذا كان كارثياً؟
كان هذا القانون يسبب إرهاقاً بدنياً هائلاً للاعبين ويمنع التخصص. تخيل أن لاعب "الكوارترباك" النحيل عليه أن يحاول إيقاف لاعب خط دفاعي يزن 140 كجم! لقد حدّ من التعقيد الاستراتيجي للعبة لأن اللاعبين لم يتمكنوا من إتقان مهارات جانب واحد من اللعبة، بل كانوا مجبرين على أن يكونوا "متوسطين" في كل شيء.
الأثر بعد الإلغاء:
السماح بالتبديلات الحرة وظهور فرق الهجوم والدفاع المنفصلة (Two-platoon system) خلق كرة القدم الأمريكية التي نعرفها اليوم. سمح بظهور رياضيين متخصصين بدرجة عالية من المهارة في مراكزهم، وفتح الباب أمام خطط لعب معقدة واستراتيجيات أعمق بكثير.
هذه القوانين ليست مجرد حواشي طريفة في تاريخ الرياضة، بل هي دليل على أن الألعاب التي نحبها هي كائنات حية تتنفس وتتطور. وفي كل مرة نرى فيها هجمة مرتدة مثالية أو بناء لعب سلس من الخلف، علينا أن نتذكر ونشكر أولئك الذين قرروا أن بعض الأفكار... مكانها سلة المهملات.