حقيقة علاء الدين المفقودة
تحقيق في الأصول الحقيقية لواحدة من أشهر الحكايات في التاريخ
الفكرة الشائعة: حكاية من ألف ليلة وليلة
عندما نفكر في "علاء الدين والمصباح السحري"، تتبادر إلى أذهاننا على الفور صورة الأسواق العربية الصاخبة، القصور الصحراوية، والسلاطين. نحن نربطها تلقائيًا بمجموعة حكايات "ألف ليلة وليلة" الأسطورية. لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا وإثارة للدهشة، وتتضمن رحلة طويلة من سوريا إلى فرنسا.
المترجم الفرنسي: أنطوان غالان
في أوائل القرن الثامن عشر، قام المستشرق الفرنسي أنطوان غالان بترجمة مخطوطات "ألف ليلة وليلة" إلى الفرنسية، مقدمًا هذه الكنوز الأدبية إلى أوروبا لأول مرة. حققت ترجمته نجاحًا هائلاً. لكن المثير للدهشة أن قصة "علاء الدين" (وقصة "علي بابا والأربعين حرامي" أيضًا) لم تكن موجودة في أي من المخطوطات العربية الأصلية التي عمل عليها غالان.
الراوي السوري: حنّا دياب
إذن، من أين أتت القصة؟ في عام 1709، التقى غالان في باريس بشاب سوري مسيحي ماروني من حلب يُدعى حنّا دياب. كان دياب راويًا موهوبًا، وقام بسرد العديد من الحكايات التي سمعها في طفولته على غالان. من بين هذه القصص كانت حكاية "علاء الدين". قام غالان بتدوين القصة من دياب وأضافها إلى مجلداته اللاحقة من "ألف ليلة وليلة" لأنها كانت مثيرة للغاية.
المفاجأة الكبرى: "في إحدى مدن الصين"
هنا تكمن الصدمة الأكبر. في نسخة غالان الأصلية، التي استلهمها من حنّا دياب، تبدأ القصة بوضوح تام: "في إحدى مدن الصين، كان هناك خياط فقير يعيش مع ابنه الوحيد الذي يدعى علاء الدين". على الرغم من أن الشخصيات تحمل أسماء عربية (علاء الدين، بدر البدور، السلطان)، إلا أن الأحداث تدور في بيئة صينية. لقد كانت مزيجًا ثقافيًا فريدًا.
حكم العلماء: "الحكاية اليتيمة"
لأنها لم تكن جزءًا من المجموعة الأصلية، يطلق العلماء على قصة علاء الدين اسم "الحكاية اليتيمة" من ألف ليلة وليلة. إنها ليست قصة عربية خالصة، وليست قصة صينية، وليست قصة فرنسية. إنها نتاج فريد للتبادل الثقافي: حكاية شرق أوسطية، رواها سوري، وسجلها فرنسي، وتدور أحداثها في الصين.