رياضات أكثر عنفاً من المصارعة الحرة: عندما تصبح الكرة مجرد عذر للقتال

BEYOND THE RING

رياضات أكثر عنفاً من المصارعة الحرة: عندما تصبح الكرة مجرد عذر للقتال

عندما نتحدث عن "الرياضات العنيفة"، تقفز إلى أذهاننا صور المصارعة الحرة (WWE) بفنونها الاستعراضية، أو قفص الفنون القتالية المختلطة (MMA) بقواعده الصارمة. لكن ماذا لو كانت هذه الرياضات مجرد نسخة "مُهذبة" من العنف الرياضي؟ هناك في زوايا العالم، ومنذ قرون، تُمارس ألعابٌ بالكاد يمكن تسميتها "رياضات". ألعابٌ الهدف فيها ليس مجرد تسجيل نقطة، بل فرض الهيمنة الجسدية المطلقة، وحيث تكون الكرة أو الهدف مجرد ذريعة لبدء معركة حقيقية. استعد للتعرف على رياضات تجعل من الـ WWE تبدو كعرض باليه.

CALCIO STORICO FIORENTINO

فلورنسا، إيطاليا - القرن السادس عشر

تخيل مزيجاً من كرة القدم، الرجبي، والملاكمة... ولكن بدون أي قواعد تمنع اللكمات على الرأس، أو الخنق، أو الضربات الجماعية على لاعب واحد. هذه هي "كالتشيو ستوريكو"، أو كرة القدم التاريخية. تقام سنوياً في ساحة "سانتا كروتشي" الرملية في فلورنسا، بين أربعة فرق تمثل أحياء المدينة القديمة. يتكون كل فريق من 27 لاعباً، والهدف هو رمي الكرة في شبكة الخصم. لكن "كيف" تصل بالكرة إلى هناك هو الجزء المرعب. يُسمح بكل شيء تقريباً لإيقاف حامل الكرة: اللكم، الركل، المصارعة، وحتى إسقاط الخصم فاقداً للوعي. إنها ليست مجرد رياضة، بل هي كرنفال من الفوضى المنظمة، وشرف للحي، وحمام دم يعود لعصر النهضة.

اللاعبون: 27 ضد 27.
الهدف: رمي الكرة في شبكة الخصم بأي وسيلة ممكنة.
مستوى العنف: كارثي. اللكمات، الركلات، والضربات بالرأس مسموحة.
القاعدة الأهم: لا توجد تبديلات. إذا أصبت، تترك فريقك ناقصاً.

BUZKASHI

آسيا الوسطى (أفغانستان، طاجيكستان...)

إذا كانت "كالتشيو" معركة بشرية، فإن "بوزكاشي" هي عاصفة من الفوضى على ظهور الخيل. هنا، "الكرة" هي جيفة عجل أو ماعز مقطوعة الرأس، تزن حوالي 50 كيلوغراماً. الهدف؟ أن يلتقط أحد الفرسان هذه الجيفة، ويدور بها حول علم في نهاية الملعب، ثم يلقيها في "دائرة العدل". الأمر يبدو بسيطاً، لكن تخيل مئات الفرسان الأشداء يتصارعون في وقت واحد لانتزاع الجيفة. السياط تتطاير في الهواء لضرب خيول المنافسين (وأحياناً المنافسين أنفسهم)، والخيول المدربة خصيصاً لهذه الرياضة لا تقل شراسة عن فرسانها، حيث تقوم بالعض والركل. لا توجد فرق محددة، وغالباً ما تكون مجرد معركة فردية من أجل المجد والمال. إنها رياضة قاسية، بدائية، وخطيرة بشكل لا يصدق.

اللاعبون: فرسان أشداء على خيول مدربة للقتال.
الهدف: جيفة عجل تزن 50 كجم.
مستوى العنف: فوضوي. استخدام السوط، الاصطدامات العنيفة، والسقوط من على الخيول أمر شائع.
مدة اللعبة: يمكن أن تستمر لعدة أيام في بعض الأحيان.

HURLING

أيرلندا - منذ آلاف السنين

للوهلة الأولى، تبدو رياضة "الهيرلينج" مزيجاً من الهوكي واللاكروس. لكنها أسرع وأكثر عنفاً بكثير. تُعرف بأنها "أسرع لعبة على العشب"، حيث يحمل اللاعبون عصا خشبية تسمى "هيرلي" لضرب كرة جلدية صلبة تسمى "سليوتار" بسرعة تصل إلى 150 كم/ساعة. العنف هنا ليس هو الهدف الأساسي مثل "كالتشيو"، بل هو نتيجة حتمية للسرعة الجنونية والالتحامات الجسدية الشرسة. يُسمح بالاصطدام كتفاً بكتف بقوة، واللاعبون غالباً ما يتلقون ضربات غير مقصودة (وأحياناً مقصودة) من عصي "الهيرلي". على الرغم من وجود خوذات حديثاً، لا يزال اللاعبون يخرجون بكسور في الأصابع والأسنان وكدمات مروعة. إنها تتطلب شجاعة جنونية لمجرد الوقوف في الملعب.

السرعة: كرة "السليوتار" يمكن أن تتجاوز 150 كم/ساعة.
المعدات: عصا خشبية (هيرلي) وخوذة واقية للوجه.
مستوى العنف: مرتفع. الالتحامات العنيفة، وخطورة الضربات بالعصا والكرة.
الأصل: رياضة قديمة جداً، كانت تُستخدم لتدريب المحاربين.

لماذا هي أكثر من مجرد رياضة؟

ما يميز هذه الرياضات عن غيرها هو أن العنف ليس مجرد جزء من اللعبة، بل هو جزء من هويتها وثقافتها. إنها ليست مجرد منافسة، بل هي طقوس، واختبار للشجاعة، وتعبير عن هوية منطقة بأكملها. إنها تذكرنا بأن الرغبة في الصراع والمنافسة الشرسة متجذرة في الطبيعة البشرية، وأن الخط الفاصل بين اللعبة والمعركة يمكن أن يكون أحياناً رفيعاً جداً.

إرسال تعليق