هل تعلم أن كرة السلة اخترعت داخل صالة مدرسية بسبب الطقس؟

هل تعلم أن كرة السلة اخترعت بسبب الطقس السيئ؟

ولادة لعبة من عاصفة ثلجية

القصة الكاملة لاختراع كرة السلة داخل صالة مدرسية بسبب قسوة الطقس

شتاء السخط: المشكلة

في خريف عام 1891، واجه الدكتور جيمس نايسميث، وهو مدرب تربية بدنية كندي في كلية التدريب الدولية لجمعية الشبان المسيحية (YMCA) في سبرينغفيلد، ماساتشوستس، تحديًا هائلاً. كان شتاء نيو إنجلاند القاسي قد حل، مما أجبر الطلاب على ممارسة أنشطتهم الرياضية داخل الصالة الرياضية الضيقة. كانت الأنشطة المعتادة، مثل الجمباز والتمارين السويدية، مملة ومتكررة، مما أدى إلى فصل من الطلاب الجامحين الذين وصفتهم إدارة الكلية بأنهم "دفعة من غير القابلين للإصلاح".

كانت الألعاب الرياضية الشائعة آنذاك، مثل كرة القدم والبيسبول واللاكروس، عنيفة للغاية ومستحيلة التطبيق في مساحة خشبية مغلقة. كان نايسميث تحت ضغط كبير من رئيسه، الدكتور لوثر جوليك، الذي أعطاه مهلة أسبوعين لابتكار "تسلية رياضية" جديدة ومثيرة يمكن لعبها في الداخل، تكون آمنة، سهلة التعلم، ويمكن لعبها على ضوء المصابيح الاصطناعية. كان مستقبل نايسميث المهني على المحك.

عصف ذهني منهجي: البحث عن حل

بدلاً من محاولة تعديل لعبة موجودة، اتبع نايسميث نهجًا تحليليًا عبقريًا. قام بتحليل الألعاب الشائعة وحدد عيوبها الأساسية في بيئة داخلية. لاحظ أن معظم الإصابات والعنف تأتي من الجري بالكرة (مما يؤدي إلى التدخل والعرقلة)، ومن ضرب الكرة بقوة (مما يؤدي إلى إصابات)، ومن وجود مرمى رأسي يسهل الدفاع عنه بالقوة الجسدية.

بناءً على هذا التحليل، وضع خمسة مبادئ أساسية ستشكل الحمض النووي للعبته الجديدة:

1. يجب استخدام كرة كبيرة وناعمة يمكن تمريرها بسهولة.
2. يُمنع منعًا باتًا الجري بالكرة.
3. يمكن لأي لاعب أن يكون في أي مكان في الملعب في أي وقت.
4. يُمنع أي احتكاك جسدي عنيف (لا سحب، لا دفع، لا عرقلة).
5. يجب أن يكون الهدف أفقيًا ومرتفعًا فوق رؤوس اللاعبين ليتطلب المهارة والدقة بدلاً من القوة.

لحظة الإلهام: سلال الخوخ

بعد وضع المبادئ، بدأت الفكرة تتشكل. تذكر نايسميث لعبة من طفولته تسمى "بطة على صخرة" (Duck on a Rock)، والتي كانت تتطلب رميًا مقوسًا دقيقًا بدلاً من الرمي المباشر القوي. هذا عزز فكرة الهدف المرتفع.

ذهب إلى بواب المدرسة، وسأله عن صندوقين خشبيين مربعين بأبعاد 18 بوصة لاستخدامهما كأهداف. لم يكن لدى البواب صناديق، لكنه عرض عليه سلتين قديمتين كانتا تستخدمان لجمع الخوخ. كانت هذه مصادفة تاريخية. قام نايسميث بتسمير سلال الخوخ على الشرفة السفلية لمضمار الجري المحيط بالصالة الرياضية. ومن قبيل الصدفة البحتة، كانت تلك الشرفة على ارتفاع 10 أقدام (3.05 متر)، وهو نفس الارتفاع الرسمي للسلة المستخدم حتى يومنا هذا.

بوجود الكرة (استخدم كرة قدم) والأهداف، جلس نايسميث وكتب 13 قاعدة أساسية للعبته الجديدة، التي أطلق عليها ببساطة "كرة السلة" (Basket Ball). كانت هذه القواعد هي كل ما يحتاجه لبدء ثورة رياضية.

من بين القواعد الـ 13 الأصلية:

  1. يمكن رمي الكرة في أي اتجاه بيد واحدة أو بكلتا اليدين.
  2. لا يجوز للاعب الجري بالكرة. يجب على اللاعب رميها من المكان الذي يمسكها فيه.
  3. لا يجوز استخدام الكتف أو الجسد أو الدفع أو الضرب أو عرقلة الخصم بأي شكل من الأشكال.
  4. يتم احتساب الهدف عندما يتم رمي الكرة أو ضربها من الملعب إلى السلة وتبقى هناك.
  5. مدة المباراة تتكون من شوطين مدة كل منهما 15 دقيقة، مع استراحة لمدة 5 دقائق بينهما.

ديسمبر 1891: المباراة الأولى

في 21 ديسمبر 1891، جمع نايسميث فصله المكون من 18 طالبًا، وقسمهم إلى فريقين من تسعة لاعبين، وشرح لهم القواعد، ورمى الكرة في الهواء لبدء أول مباراة كرة سلة في التاريخ. لم تكن المباراة سريعة ومثيرة كما نعرفها اليوم؛ كانت بطيئة وفوضوية، حيث كان اللاعبون لا يزالون يتعلمون مفهوم عدم الجري بالكرة.

كانت المباراة بأكملها منخفضة التهديف بشكل لا يصدق. تم تسجيل سلة واحدة فقط طوال المباراة، سجلها لاعب يدعى ويليام آر تشيس برمية من مسافة 25 قدمًا. انتهت المباراة بنتيجة 1-0. ورغم بساطتها، إلا أن الطلاب أحبوا اللعبة على الفور. لقد كانت نشطة، تتطلب المهارة، وكانت ممتعة. لقد نجحت مهمة نايسميث.

كان هناك تحدٍ عملي واحد: في كل مرة يتم فيها تسجيل هدف، كان على البواب إحضار سلم وصعوده لإخراج الكرة من سلة الخوخ التي لم يكن لها قاع مفتوح بعد!

الانتشار الفيروسي: من سبرينغفيلد إلى العالم

كان لجمعية الشبان المسيحية (YMCA) شبكة دولية واسعة. الطلاب الذين تعلموا اللعبة في سبرينغفيلد أصبحوا معلمين ومدربين وسافروا في جميع أنحاء الولايات المتحدة والعالم، حاملين معهم قواعد هذه اللعبة الجديدة والمثيرة. في غضون سنوات قليلة، انتشرت كرة السلة كالنار في الهشيم. تم نشر القواعد الـ 13 في مجلة الكلية، مما ساهم في توحيد اللعبة. سرعان ما تم استبدال سلال الخوخ بشبكات وحلقات معدنية، وتم إدخال اللوح الخلفي (في البداية لمنع المتفرجين في الشرفة من التدخل في الكرة!).

بحلول عام 1936، أصبحت كرة السلة رياضة أولمبية رسمية في ألعاب برلين، وحضر جيمس نايسميث بنفسه لرمي الكرة الافتتاحية، ليشهد بعينيه كيف تحولت فكرته البسيطة، التي ولدت من رحم الضرورة في شتاء بارد، إلى ظاهرة عالمية.

الخلاصة: قصة اختراع كرة السلة هي شهادة على قوة الإبداع في حل المشكلات. لم تكن وليدة رؤية رياضية عظيمة، بل كانت حلاً عمليًا لمشكلة يومية: كيفية إبقاء مجموعة من الشباب نشطين في الداخل خلال فصل الشتاء. ومن هذا التحدي البسيط، وُلدت واحدة من أكثر الرياضات شعبية وديناميكية في العالم.

لمحة عن الكاتب

أحمد القاسم
مدير موقع العقل الغريب

إرسال تعليق