في عام 1962، في قرية نائية فيما يُعرف اليوم بتنزانيا، انتشر وباء غامض. لم يكن يسببه فيروس أو بكتيريا، ولم تكن أعراضه حمى أو سعال. كان العَرَض الرئيسي... هو الضحك. ضحك لا يمكن السيطرة عليه، ينتشر كالنار في الهشيم، ليصيب قرية بأكملها ويجبر المدارس على الإغلاق. هذه هي قصة أغرب وباء في التاريخ الطبي. بدأ كل شيء في 30 يناير 1962، في مدرسة داخلية للبنات في قرية كاشاشا. بدأت ثلاث طالبات بالضحك. في البداية، بدت مجرد مزحة عادية أو نوبة من الضحك الطفولي. لكن الضحك لم يتوقف. استمر لساعات، ثم لأيام. وسرعان ما انتشرت "العدوى" إلى طالبات أخريات. لم يكن ضحكاً سعيداً، بل كان قهقهة هستيرية لا يمكن السيطرة عليها، تتخللها نوبات من البكاء والهلع. لم يكن الضحك هو العرض الوحيد. كانت النوبات تستمر من بضع ساعات إلى 16 يوماً في بعض الحالات. عندما كان الضحك يتوقف، كانت تظهر أعراض أخرى، وكأن الجسم قد استُنزف بالكامل. مع ازدياد عدد الطالبات المصابات إلى 95 من أصل 159، قررت إدارة المدرسة إغلاقها في 18 مارس. كانت هذه محاولة لاحتواء الوباء، لكنها أدت إلى عكس ما هو مطلوب تماماً. عندما عادت الطالبات إلى قراهن الأصلية، حملن معهن "العدوى". انتشر الوباء إلى قرية نشامبا المجاورة، ثم إلى قرى أخرى، مصيباً المئات من الأشخاص، معظمهم من المراهقين والشباب. في المجموع، تم إغلاق 14 مدرسة، وتأثر أكثر من 1000 شخص. استمر هذا الوباء الغريب لمدة 18 شهراً قبل أن يختفي فجأة كما ظهر. بعد فشل كل الاختبارات في العثور على أي سبب فيزيائي أو سموم أو فيروسات، توصل العلماء إلى التشخيص الأكثر ترجيحاً: "الهستيريا الجماعية" أو "المرض النفسي الجماعي" (Mass Psychogenic Illness). يعتقد الباحثون أن الطالبات كن يعانين من ضغط نفسي هائل بسبب توقعات المدرسة الصارمة والبيئة المقيدة. كانت نكتة عابرة هي الشرارة التي فجرت هذا التوتر المكبوت على شكل ضحك هستيري. وعندما رأى الآخرون هذا السلوك، "التقطوا" نفس ردة الفعل النفسية كآلية للتكيف مع نفس الضغوط. لم يكن الضحك في تنجانيقا علامة على الفرح، بل كان صرخة جماعية من عقول مُرهقة، ودرساً قوياً في كيف يمكن لعقولنا أن تؤثر على أجسادنا بطرق غريبة وقوية.
وباء ضحك تنجانيقا
تحديد الحالة صفر (Patient Zero)
فحص الأعراض السريرية
تتبع انتشار العدوى
التشخيص النهائي: ما الذي حدث حقاً؟
لايوجد مقالات في المفضلة حتى الأن...
عرض جميع المقالات